((.. هل فقدان الذاكرة في الحقيقة مثلما تصوره الأفلام السينمائية؟ ..))
من أنا؟
هذ هو السؤال الذي يُطرح في الأغلب بأفلام هوليوود على لسان الشخصيات التي تستعيد وعيها بعد فترة من دخولها في غيبوبة، أى فترة مطولة من فقدان الوعى.
تصور لنا السينما دائمًا أن أكثر مشكلات فاقدى الذاكرة وضوحًا تكون هى نسيان ذكريات الماضي. ولا يواجه فاقد الذاكرة أي صعوبة في تعلم الأشياء الجديدة، على العكس هو يستطيع تعلم كل شئ أو يواجه صعوبات بسيطة في التعلم.
الطريقة التي تصور بها الأفلام السينمائية فقدان الذاكرة نراها في آراء معظم الناس فحسب أستطلاعات الرأى، هذه هى الفكرة الشعبية عن فقدان الذاكرة.
لكن ما هى نظرة علم النفس الحقيقي إلى فقدان الذاكرة؟
المشكلة الكبرى التي تواجه الأشخاص المصابين بالرأس ليست فقدان الذاكرة التراجعي أو نسيان الماضي، لكن تتمثل في فقدان الذاكرة التقدمي أى نسيان المعلومات الجديدة. أغلب فاقدي الذاكرة يواجهون مشاكل في تكوين ذاكرة جديدة وفي التعلم. بعضهم يعاني من فقدان ذكريات من الماضي أيضًا.
حالة إتش إم
أكثر حالة فقدان الذاكرة التقدمي صعوبة في علم النفس هى حالة إتش إم، وهو رجل توفى في عام 2008 وعمره 74 سنة. في عام 1953 خضع هذا الرجل لعملية جراحية بالمخ لإيقاف حالات الصرع الشديدة التي كان يصاب بها. بعد الجراحة تم أستئصال منطقة الحصين من المخ وهى المنطقة التي تقوم بدور مهم في عمل الذاكرة طويلة الأجل. إتش إم أصبح عاجزًا عن تكوين ذكريات جديدة. كان يقرأ المجلات نفسها وكأنه يراها لأول مرة. لا يتذكر الأشخاص الذين تعرف عليهم من خمس دقائق. كل مرة كان يخبره الأطباء عن وفاة عمه كان يشعر بحزن عميق. بالرغم أنه كان مصابًا بأعراض فقدان الذاكرة التراجعي، لكن مشكلته الأساسية هى فقدان الذاكرة التقدمي. وهى المشكلة الأساسية لمعظم فاقدى الذاكرة.
فيلم ميمينتو
فيلم Memento أو التذكار هو أحد الأفلام الأمريكية النادرة التي عرضت المبادئ العلمية لفقدان الذاكرة بصورة صحيحة إلى حد كبير. الشخصية الرئيسية ليونارد شلبي، وهو محقق جرائم تأمين سابق يبحث عن قاتل زوجته. وفي خلال عملية اغتصاب زوجته يصاب ليونارد بضربة على رأسه تفقده القدرة على تذكر الأحداث القريبة أي الذاكرة الحديثة مما لا يمكنه من تكوين أية ذكريات جديدة، ولكي يمكّن نفسه من التعامل مع هذه الحالة فأنه يستعين بكتابة العديد من الملاحظات والصور وحتى الوشوم على جسده ليذكر نفسه بالأشخاص والأماكن والأحداث.
فقدان الذاكرة الشامل
دائمًا ما تعرض السنيما حالات فقدان الذاكرة الشامل، وهو أكثر حالات فقدان الذاكرة ندرة، وهو الأمر الذي يتنافى مع الحقيقة. ففقدان الذاكرة الشامل أسبابه تكون نفسية على الأغلب نتيجة تعرض لصدمة ما وليست نتيجة لضربة على الرأس.
العديد من علماء النفس يشكون في الأساس في فقدان الذاكرة الشامل وربما يكونوا على صواب، لأنه من الصعب أن نستبعد أن فقدان الذاكرة الظاهر على الشخص هو نوع من التمارض لتحقيق هدف ما.
خرافتان إضافيتان
من الخرافات الشائعة حول فقدان الذاكرة هى أن الشخص بعدما يستفيق من الغيبوبة ينسى كل شئ لكنه يكون قادرًا على التحدث والإجابة على الأسئلة بسهولة وهو ما ينافي الواقع تمامًا. والخرافة الأكثر غرابة هى أن لكى يستعيد الشخص ذاكرته فأنه يحصل على ضربة أخرى على الرأس وكأن ضربتين أفضل من ضربة واحدة!
في النهاية يقول لنا مؤلفو كتاب أشهر 50 خرافة في علم النفس والذي اقتبسنا منه هذا المقال، “في المرة القادمة التي تشاهد فيها فيلمًا يحكي قصة سيدة فقدت كل ذكرياتها وباتت لا تعرف أى شئ عن هويتها بعد أن تعرضت لإصابة بالرأس، هناك شئ هام يجب ألا تنساه وهو: فقدان الذاكرة الحق هو نسيان هوليوود العميق للأدلة العلمية”
الغياب يكشف لك مقدار تعلقك بالشخص أو مقدار الراحة العظيمة بغيابه ، الغياب يفسر الشعور بكل صدق .
- المصدر :-
http://ghrebaa.com/post/118611553027
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق